شريط الاخبار

شركاء وأهداف : الطموح ليس حلماً مستحيلاً، بل هو ممكن التحقيق ، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تحقق أهدافنا

النشرة البريدية

دور التربية المدنية في تجسيد ودعم قضايا المواطنة وحقوق الإنسان : إن تجاوز ثقافة العنف والتعصب القبلي والعشائري يتطلب تجاوز المرجعيات التقليدية التي تتعدد وتتنوع في إطار تكويناتها القبلية والعشائرية إلى ثقافة التسامح والإنصاف والمواطنة المتساوية التي تتشكل في تكوينها الحداثي كما تعبر عنه دولة المؤسسات والقانون التي تعتبر الناظم الرسمي لمختلف التكوينات التقليدية في إطار مفهوم الوطن والمواطنة المتساوية ، هنا نتجوز عملية التشتت المكاني المحدد وراثيا لانتماء الفرد ووجوده الاجتماعي إلى عملية التوحد الوطني والقومي بمحدداتها الثقافة والمعرفية التي تشكل وعيا جمعيا يعبر عن الهوية المشتركة بين أبناء الوطن الواحد ، والوعي بمفهوم الوطن يعد من أهم مفردات الثقافة السياسية الحديثة التي يكتسبها الإنسان في إطار عمليات التنشئة الاجتماعية والسياسية ( الرسمية / الأهلية ) . ولما كانت أهم محددات الدولة الحديثة ارتكازها على مفهوم المواطنة فتكون التربية المدنية من أهم آليات اكتساب الأفراد والجماعات لمواطنتهم من حيث الوعي بحقوق وواجبات المواطنة كما تجسدت في إطار الدستورية والقانونية الناظمة في الدولة والمجتمع ، ووعى المواطن بمواطنته تتحقق من خلال مفاهيم المساواة الحرية الإنصاف المشاركة ليس بالنظر إليها كمفاهيم مجردة بل أيضا كمفاهيم تتجسد على ارض الواقع ، وهنا لا يكون المواطن سلبي تجاه ما يحدث في مجتمعه من متغيرات وتحولات بل يكون مساهم في تحقيق ذلك التغيير والتحول .

إن توعية أفراد المجتمع بمفهوم حقوق الإنسان بالنظر إليها كمنظومة متكاملة من الحقوق والحريات لا تقتصر على الحقوق المدنية والسياسية بل تتضمن أيضا الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وان يتعلم أفراد المجتمع إن حقوق الإنسان هي الحقوق المتأصلة في طبيعتنا والتي لا يتسنى بغيرها إن نعيش عيشة البشر ، وهذه الحقوق تكفل إمكانية تنمية واستثمار ما نتمتع به من صفات البشر التي تستند إلى تطلع الإنسان المستمر إلى حياة تتميز باحترام وحماية كرامته المتأصلة في ذاته كانسان . وهى تعبر في مضمونها عن جوهر العمل الإنمائي الهادف إلى تحقيق رفاهية الإنسان وحماية حقوقه وعلية فانه يقاس نجاح عمل أي حكومة أو دولة تجاه شعبها بما تحققه من إنجازات وما تقدمه من خدمات وما تتيحه من حريات وخيارات يمارس الأفراد في إطارها كل أنشطتهم وعلاقاتهم . إن حقوق الإنسان تعنى في مضمونها ودلالاتها معنى سياسي واجتماعي هو- إن الشعب وحده مصدر السلطة – وان الدولة ذات أساس تعاقدي مع الشعب الذي يمنحها المشروعية أو لا يمنحها ، وذلك معناه إن السلطة في الدولة غير شخصية وغير مطلقة فهي سلطة القانون الذي ينفصل عن شخص الحاكم والخاصية الأساسية هنا إن السلطة السياسية مقيدة بالقانون وهذا الأخير هو الذي يعبر عن الإرادة العامة للمجتمع ومن ثم فالناس يمتثلون له طواعية ، والقانون هنا يحقق التضامن الاجتماعي ويعمق الوحدة الوطنية ، والوعي بالقانون هو تعبير عن وعى جمعي مشترك بين كل أفراد المجتمع وجميعهم يشكلون مصدره ، حالما ينتهي القانون يبدأ الاستبداد . إن تنمية الوعي بحقوق الإنسان أصبح من أهم مجالات البحث والدراسة في علم الاجتماع السياسي علاوة على كونه من أهم مجالات التنمية والتحديث في أي مجتمع من المجتمعات خاصة مجتمعاتنا العربية التي تتصف بارتفاع معدلات الأمية وتدنى مستويات التعليم والثقافة وضعف مستويات التحديث والتحضر مقابل تزايد فاعلية البنى التقليدية والوعي العصبوي الذي يشكل نقيضا للوعي الوطني والحداثى ويضعف الانتماء المشترك إلى الوطن . إن الثقافة المدنية تعمل على إرساء أنماط جديدة من العقلانية في المجتمع ، من حيث دلالاتها في تجسيد وعى الأفراد بحقوقهم المدنية والسياسية وممارساتها وهى عملية تتشكل وفقا لها علاقة انتماء حقيقية بين أناس يشعرون بحرية الاختيار وبناء المجتمع الذي ينشدون العيش فيه وفق مبداء المواطنة المتساوية .


دور التربية المدنية في تفعيل المشاركة السياسية :

تعتبر المشاركة السياسية جوهر العملية الديمقراطية في أي مجتمع من المجتمعات ووفقا لذلك يرى بعض الباحثين إن الدولة الحديثة تتميز عن الدولة التقليدية بالمدى الواسع الذي يشارك بمقتضاه الأفراد والجماعات في العمل السياسي وكلما تزايد حجم المشاركة في العمل السياسي من الذكور والإناث كلما دلل ذلك على شرعية النظام الحاكم ، وكلما تزايد حجم المشاركة السياسية كان ذلك مؤشر ايجابي يعبر عن صحة العلاقة بين الدولة والمجتمع . في اتساع فرص أفراد المجتمع للولوج إلى المجال المدني من خلال تكوين المؤسسات الحداثية التي ينتظم من خلالها نشاطات المجتمع باستقلالية عن الإدارات الحكومية وهى فرص تعمل على اتساع حجم مشاركة أفراد المجتمع في مجالات التنمية البشرية بل وحجم تمثيلهم سياسيا واجتماعيا من خلال الجمعيات والمنظمات الأهلية بكل تنوعها وبالتالي تمكينهم من المشاركة في الشأن العام .

إن ضعف المشاركة السياسية والشعبية واتساع حجم الأغلبية الصامتة - السلبية السياسية – إضافة إلى تدنى الوعي الحداثي ، تشكل جميعها قيودا على تطور الديمقراطية وبناء المجتمع المدني وهنا لابد من بلورة وعى سياسي حديث يخلق لدى أفراد المجتمع قناعة كاملة بان الديمقراطية كنظام حكم تعد اقل النظم شرا على الإنسان ،، في هذا السياق يجب على نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان تكثيف دورهم التوعوى الهادف نحو تنشئة سياسية حديثة ( تربية مدنية ) ترتبط بمحددات عصرنا الراهن ومتغيراته ، أي تنمية شخصية الفرد باعتباره مواطن ديمقراطي ( تنمية الذات السياسية للفرد من خلال عملية التنشئة الاجتماعية والسياسية - التعليم والتعلم -رسميا وأهليا ) يشارك في مجمل العمليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتترسخ في وعيه رؤية حداثية لطبيعة النظام السياسة باعتباره معبرا عن حاجات المجتمع وأهدافه وان الحاكم يأتي .من خلال أصوات المواطنين وان أفراد المجتمع هم الذين يمنحونه المشروعية .

إن المجتمع اليمنى - و العربي - مجتمع مسكون بالماضي وان بنيته الذهنية تتصف بتركيزها على الماضي والحاضر مع انسداد آفاق المستقبل ، هذه العقلية تعجز عن إدراك العلاقة الجدلية بين الزمان والمكان ، بين التاريخي والبنائي المتحول ، وفى الواقع اليمنى تعمل الأحزاب والتنظيمات السياسية على التوظيف السياسي للعصبيات التقليدية من اجل تحويلها إلى آلية لتنظيم مصالحها الخاصة ولنجاحها في ذلك تعتمد أسلوب الإقصاء والعنف ويغيب عنها أسلوب الحوار والتسامح وهذه العملية التي تتداخل فيها محددات الوعي والانتماء تقليديا وحداثيا إن الديمقراطية تعتبر ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة انطلاقا من كونها منهج وأسلوب حاية تفرضه ضرورات التعايش السلمي ، وان تدنى الوعي الحداثي بالديمقراطية ومنظومتها الثقافية يؤدى إلى تعظيم دور العوامل التقليدية التي تشكل اتجاها ووعيا ضديا للحداثة أي استمرارية المجتمع الأبوي ، وهنا يلعب الموروث الثقافي دورا سلبيا في تشكيل عملية التنمية السياسية خاصة في بعدها الثقافي والمعرفي . ولما كانت مؤسسات المجتمع المدني هي آليات فاعلة في تحقيق تنمية المجتمعات المحلية وإشباع حاجات الأفراد والجماعات باعتمادهم على الجهود الذاتية فان نجاح ذلك يرتبط بوعي الأفراد بأهمية وفوائد العمل التضامني والتعاوني وهنا تكون مؤسسات المجتمع المدني من أهم آليات التمكين والمشاركة الشعبية ، وهنا أيضا تتزايد عمليات التمكين والمشاركة للمرأة وضرورة تمثيلها في المجالس المحلية المنتخبة وفى مختلف مجالس الجمعيات والتنظيمات الأهلية . ومعنى ذلك إن تغيير وعى المجتمع المحلى تجاه المرأة يتطلب نشاطا ثقافيا موجها من خلاله يكتسب الأفراد قناعات جديدة تترسخ تدريجيا في وعيهم الفردي والجمعي .

اقرأ المزيد