شريط الاخبار

شركاء وأهداف : الطموح ليس حلماً مستحيلاً، بل هو ممكن التحقيق ، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تحقق أهدافنا

الأربعاء، 14 أغسطس 2013

الغلمانية أو البيدوفيليا : كلام على الهامش !

البيدوفيليا لغة : كلمة يونانية تعني عشق الأطفال παιδοφιλία و هي ممارسة جنسية تتصف بكونها انحرافا جنسيا يتميز بالميل الجنسي نحو الأطفال أو هي الإنحراف الجنسي المعروف بالانجذاب الجنسي من قبل شخص بالغ نحو الأطفال ، و قد كثر الحديث حول هذه الممارسة المرضية بعد حادثة العفو الملكي و ماتبعها من احتجاج بالمغرب .. على أي هي ليست بالأمر الجديد و لا الحدث العاب…ر في ثقافة شعوب المتوسط .. كان الاغريق يمارسون هذه الممارسة بشكل عادي ، حيث كان كل بالغ يوناني يختار عشيقا صغيرا فقد مدحت الآثار الأدبية الاغريقية هذه الممارسة التي ظلت منتشرة بين اليونان و الرومان أيضا الى حين اعلان المسيحية دينا رسميا للامبراطورية الرومانية مع قسطنطين ، لكن هذه الممارسة الجنسية المنحرفة لم تنقرض مع هذا التاريخ بل استمرت كضرب من المسكوت عنه بين طبقات المجتمع الأوربي الوسيط الى اليوم .. فماذا عنا نحن شعوب الضفة الجنوبية من المتوسط أو مايسمى بالعالم الاسلامي ؟ عرف المجتمع الاسلامي البيدوفيليا باسم آخر وهو : الغلمانية أو الولع بالغلمان ، من الناحية المبدئية لا يوجد نص ديني اسلامي يجيز ممارسة الجنس مع الأطفال بشكل عام و لا يوجد نص ديني اسلامي يمنع هذه الممارسة أيضا ، بل هناك آراء متضاربة حيث نجد أن الشريعة الاسلامية تجيز نكاح الصغيرة ذات التسع سنوات رغم معارضة الفقه الحديث اليوم .. ثم ان النص القرآني ذكر الغلمان لكنه لم يشر الى ممارسة الجنس معهم و مال غالب الفقه الى تحريم الجنس مع الأطفال الذكور قياسا على اللواط أو الممارسة المثلية بين الذكور ، ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع ليعد الى الفقه الاسلامي : باب نكاح الصغير والصغيرة .. أما من الناحية الثقافية و الاجتماعية فالظاهر أن عرب الجاهلية لم تنتشر بينهم هذه الممارسة كثيرا لكنهم عرفوها لما استوطنوا الأمصار و اختلطوا بالروم و الفرس ، أو ربما كانت من المسكوت عنه حيث أن هذه الممارسة تنتشر في شبه الجزيرة العربية اليوم بين المجتمعات الخليجية ، وقد ذكرت و استحضرات الغلمانية عدة مصادر عربية كاخوان الصفا و رسائل الجاحظ و نزهة الألباب للتيفاشي و حتى الشعر العباسي حيث تجد الشعراء كأبي نواس يتغنون بالغلمان و الغلاميات ممن يتشبهن بالغلام ، و كان بعض خلفاء بني العباس مصابون بولع الغلمان كعشق الخليفة الواثق لغلامه “مهج” ، أما في بلاد المغرب فقد ذكرت عدة مصادر تاريخية كنزهة الألباب للتيفاشي من افريقية و مدونات الزوار الغربيين للبلاد شيوع هذه الممارسة في المدن و المداشر و القرى ، سواء كممارسة بين طبقات المجتمع الدنيا أو بين السادة و عبيدهم من الغلمان أو بسبب الفقر .. و التراث الشفهي المغربي يحفل بالتعبيرات التي تهم الغلمانية أو البيدوفيليا أو كما سميت لدى الأقدمين باتباع الصبيان … و لا داعي للتفصيل في هذا الباب ،لماذا اذن ذكرت كل هذا ؟ ذكرت كل هذا حتى أبين أن هذه الممارسة الشنيعة ليست جديدة اليوم كما رددت مثلا المدعية “مايسا” و غيرها من المتأسلمين وذوي الخطاب المتهافت مرجعيا و معرفيا ، ان هذه الممارسة لا تتعلق بفكر أو تيار معين انما هي عابرة لطبقات و تاريخ المجتمعات المتوسطية ، و لم يكن المغاربة كغيرهم من شعوب الجنوب يصنفونها كمرض بل لا تجد نصا واحدا سواء كان شفهيا أو مكتوبا يذم الفاعل انما غالبا مايذم المفعول به و الأنثى لطغيان النظرة الذكورية ، فذم الغلمانية عندنا متأخر جدا على المستوى الاجتماعي مقارنة بالشعوب الغربية و لم يكن الرأي العام عندنا يكترث لها الا بشكل فردي معزول لهذا أخذ البيدوفيليون من الغربيين قصد ديارنا لممارسة أفعالهم حين تم التضييق عليهم في بلدانهم الأصلية ، ولما انتشرت التوعية الاعلامية ووسائل الدعاية الجماهيرية و التعليم أخذت هذه الممارسة الشنيعة في الظهور للعيان بينما في الماضي و بفعل الجهل و الخوف من الفضيحة و العار كنا نخفيها وندعي عكس ذلك تماما … ان هذه الممارسة الشنيعة التي نسميها باغتصاب الأطفال تجد لها مكانا في التشريع الجنائي المغربي الا أن العقوبات التي أفردت لها غير كافية ، ورغم أنني أتخذ موقفا آخر و أرى أن التشديد في العقوبة لن يقضي عليها انما علينا البحث عن الأسباب البيولوجية و النفسية و الاجتماعية التي تؤدي الى هذه الممارسة ، كما يجب فتح حوار وطني حول هذا الفعل الشنيع و اشراك الفاعلين السياسيين و الدينيين و الاعلاميين و الأطباء و رجال القانون و الفكر و الاجتماعيات حتى نستطيع تدبير الأمر ومحاولة اعتماد نموذج فعال لضمان تنشئة اجتماعية سليمة قدر الامكان لأطفالنا .



عمر أمزاوري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق